استصلاح الاراضى الجديدة

بعد أن عجزنا عن إيجاد مخرج لعزوف الطلاب عن كليات الزراعة على مستوى الجمهورية و الحلول التى طرحت لذلك لم يستجب لها أحد فاصبح التقصير نابع من كليات الزراعة نفسها لأنها كليات لا تجذب الطلاب لدخولها حيث يصفها بعض الطلاب بالتخلف و يقول زراعة إيه اللى انا هدخلها و أطلع فلاح فى النهاية و يفضل عليها معهد لمدة عامين و فى النهاية اصبحت كليات الزراعة بلا طلاب لصعوبة موادها الدراسية و لإسمها غير الجذاب للطلاب . إن التفكير الراسخ الآن فى كثير من الجامعات المصرية و بالتحديد فى كليات الزراعة هو تقليل عدد الأقسام العلمية بحيث تشمل كل كلية قسمين او ثلاثة و لسنا بصدد ذلك و لكن الأهم أن معظم هذه الكليات و ربما كلها قررت الغاء الأقسام العلمية الصعبة و التى لايقبل الطلاب عليها و من أول هذه الأقسام العلمية المرشحة للإلغاء قسم الأراضى و المياه

فهل اصبح إلغاء قسم الاراضى و المياه بداية لتوقف مشروعات الإستصلاح و التوسع الافقى فى مصر أم أنه إقرار باننا قد إكتفينا بالمساحة الزراعية فى مصر. إن الحقيقة الواضحة لدينا الآن أن هذه المساحة ربما تتقلص كثيراً فى الفترة القادمة و ذلك بسبب المشاكل العديدة التى تواجه هذه الأراضى من تحول مساحات كبيرة منها إلى الأراضى الملحية و القلوية و من إرتفاع مستوى الماء الأرضى و مشاكل عديدة أخرى من تجريف للأرض الزراعية و البناء على الأرض الزراعية و غيرها من المشاكل فكيف سنعوض هذه المساحات الكبيرة المفقودة من الأرض الزراعية إلا عن طريق إستصلاح مساحات جديدة و كيف سيتم هذا الإستصلاح دون الإستعانة بخريجى قسم الأراضى و المياه.


إن خريج الأراضى و المياه هو الخريج الوحيد المؤهل علمياً على مستوى كلية الزراعة لمعرفة هل هذه الأراضى تصلح للزراعة أم لا ، هل هذه الأراضى يمكن أن تدخل فى نطاق الأراضى المنتجة زراعيا أم لا و ذلك من خلال معرفته بخواص هذه الأراضى من بناء و قوام و خواص فيزيائية و كيميائية يقوم بدراستها بالتفصيل خلال المقررات الدراسية بالقسم و خلال الجزء العملى لكل مقرر و كذلك زياراته الميدانية التى يقوم بها حتى يصل فى النهاية لمعرفة يقينية بأن هذه الأراضى تصلح للزراعة أم لا و ما هى المعوقات إن لم تكن تصلح للزراعة و هل يمكن التغلب على هذه المعوقات أم لا. و الجميع يعرف أننا نعانى الأن كثيراً فى مساحات زراعية عديدة و مشروعات كبرى من إختيار خاطىء لهذه الأراضى لم يتم فيها الإعتماد على خريجى الأراضى و المياه المؤهل الوحيد علمياً للحكم على صلاحية هذه الأراضى للزراعة .
إن خريج الأراضى و المياه هو الخريج الوحيد المؤهل علمياً لحل مشاكل الأراضى الزراعية من تملح لهذه الأراضى أى تحولها إلى الأراضى الملحية أو إلى الأراضى القلوية أو ظهور مشاكل إرتفاع مستوى الماء الأرضى و سوء التهوية و سوء الصرف و العديد من المشاكل الأخرى التى تظهر فى مساحات زراعية عديدة بعد زراعتها فمن مؤهل علميا من خريجى كليات الزراعة لحل هذه المشاكل سوى خريج قسم الاراضى و المياه. كلنا يعرف جيداً أن أكثر من 30% من الأراضى الزراعية فى مصر أصبحت أراضى متأثرة بالأملاح (تحولت إلى أراضى ملحية أو قلوية أو ملحية قلوية ) فمن يستطيع إعادة هذه الأراضى إلى إنتاجيتها العالية مرة أخرى سوى خريج قسم الأراضى و المياه المؤهل لحل هذه المشاكل الزراعية.
إن خريج الأراضى و المياه هو الخريج الوحيد الذى يدرس كل ما يتعلق بماء الرى من نظم الرى المختلفة مثل رى بالرش الثابت و المحورى و رى بالتنقيط و رى سطحى و هو المؤهل الوحيد بين خريجى كليات الزراعة لتصميم شبكات الرى و إنشائها بجميع أنواعها و يعرف جيداً كيف يقوم بإنشاء نظام رى متكامل لكل مزرعة من تحديد موقع البئر و إختيار أعماق الحفر و إنشاء البئر و تركيب شبكة الرى بكل محتوياتها من مواسير بأقطار مختلفة و نقاطات أو رشاشات أو رى محورى. و كذلك معرفة هل هذه المياه تصلح للرى أم لا من خلال دراسة خصائص هذه المياه و من خلال بعض التحليلات التى تم تدريب خريج قسم الأراضى و المياه عليها علمياً للحكم على جودة مياه الرى و مدى صلاحيتها للزراعة و مدى ملائمة هذه المياه لزراعة محصول معين و معدل إنتاجية هذا المحصول فى حالة ما إذا كانت هذه المياه منخفضة الجودة.

نحن نعلم جيدا أننا فى مصر الآن نعانى من فقر مائى فمصر مصنفة من الدول تحت خط الفقر المائى و بالتالى فنحن فى حاجة ماسة إلى كل قطرة مياه و لذلك زاد و سيزيد إعتمادنا على المياه من مصادر مختلفة سواء مياه جوفية و مياه صرف زراعى و مياه صرف صحى بعد معالجتها فمن الذى سيعطى الحكم على صلاحية هذه المياه للزراعة، إن خريج قسم الأراضى و المياه هو المؤهل الوحيد للحكم على صلاحية هذه المياه للزراعة أم أننا سنلغى إستخدام الأرض و المياه فى الزراعة.
إن من أهم المشاكل التى تواجه مجال الزراعة هى تلوث المنتجات الزراعية ببقايا الأسمدة المعدنية و بقايا العناصر الثقيلة هذا التلوث للمنتجات الزراعية سبب لنا العديد من المشاكل من أهمها من وجهة النظر الإقتصادية إنخفاض معدل المنتجات الزراعية الصالحة للتصدير حيث أن المستورد يعتمد على الاسلوب العلمى فيقوم بأخذ عينات من المنتجات الزراعية و يقوم بتحليلها فيجد بها إرتفاع فى نسبة العناصر مثل النترات أو العناصر الثقيلة فيرفض الشحنة و يؤثر ذلك على الصادرات الزراعية و كذلك من أهم هذه المشاكل من الناحية الإنسانية صحة المواطن المصرى حيث أن إنتشار أمراض الفشل الكبدى و الكلوى حتى عند الأطفال سببه الرئيسى هو تلوث المنتجات الزراعية ببقايا الأسمدة المعدنية .
إن خريج قسم الأراضى و المياه هو الخريج الوحيد الذى يقوم بدراسة كل ما يتعلق بالأسمدة المعدنية و العضوية بكل أنواعهما و كذلك طرق التحضيرو نسب العناصر السمادية و طرق التصنيع و بالتالى فهو المؤهل الوحيد علميا من بين خريجى كليات الزراعة للعمل فى مصانع السماد المعدنى و العضوى و كذلك لوضع برامج تسميدية لكل محصول مع مراعاة نسب الوحدات السمادية سواء عناصر كبرى و صغرى و بالتالى يكون المنتج الزراعى آمن صحيا و صالح للتصدير.
إن خريج قسم الأراضى و المياه هو أكثر الخريجين دراسة للبيئة سواء من ناحية تلوث البيئة الأرضية بملوثات مختلفة مثل بقايا الأسمدة المعدنية و العناصر الثقيلة و مخلفات الصرف الصحى و غيرها و كذلك تلوث البيئة المائية و تلوث الهواء و هو كذلك أكثر الخريجين المؤهلين للتعامل مع المخلفات سواء مخلفات زراعية أو مخلفات القمامة أو مخلفات الصرف الصحى من خلال تدوير هذه المخلفات لإنتاج الكمبوست و بالتالى فإن الخريج المؤهل للعمل فى مصانع السماد العضوى هو خريج الأراضى و المياه و ذلك لدرايته الكاملة بخطوات إنتاج الكمبوست و تجهيز المخلفات و نسب الخلط و مواصفات الكمبوست الجيد و ليس معنى قلة عدد مصانع إنتاج السماد العضوى فى مصر لعدم دراية المستثمرين و المزارعين بأهمية المنتج العضوى سواء من الناحية الصحية أو التصديرية أو عدم معرفة المستهلك المصرى بالفرق فى الجودة بين المنتج العضوى و غيرة من المنتجات الزراعية العادية و التى يتم فيها إستخدام المبيدات و الأسمدة المعدنية بكميات كبيرة و بالتالى عدم توافر فرص عمل لخريجى قسم الأراضى و المياه فى هذا المجال وحتى عدد المصانع القليلة الموجودة لا تعتمد على الأسلوب العلمى فى إنتاج الكمبوست فأصبح كل من يعمل فى مصنع للكمبوست لمدة شهر أو إثنين خبيراً فى مجال الكمبوست و إن سألت أياً منهم عن مواصفات الكمبوست المثالية و ما هى التحليلات الواجب توافرها للحكم على الكمبوست الجيد لا يستطيع الرد و ذلك لأنه غير مؤهل علمياً لذلك.
لقد أغفلنا دور العلم فى مجال الزراعة و كلنا يعلم فقد سبقتنا دول عديدة كانت متأخرة عنا زراعياً هى أفضل منا الآن بكثير مع أننا فى الأصل كنا بلد زراعى و ذلك لعدم إتباع الاسلوب العلمى السليم فى مجال الزراعة. إن الزراعة أصبحت عند كل العاملين فيها عبارة عن بذرة أو شتلة يتم غرسها و كمية أسمدة تضاف إليها و إن إحتاج الأمر رشة مبيدات فأصبح الجميع يعمل فى مجال الزراعة. إن المشكلة ليست فى قسم يتم إلغاؤه و قسم آخر أقل أهمية يتم إضافته إن المشكلة هى إصلاح شامل فى مجال الزراعة يجب تطبيقه من إختيار الأرض الصالحة للزراعة و نوعية مياه الرى و جودتها و البذور الصالحة للزراعة و البرنامج التسميدى الملائم حتى نصل فى النهاية إلى منتج صالح للتصدير آمن صحياً.

إن خريج قسم الأراضى و المياه يدرس العديد من العلوم التطبيقية مما يؤهله للعمل فى أماكن عديدة مثل مشاريع إستصلاح الأراضى و المياه و الشركات الزراعية و المزارع الخاصة و مشروعات المياه و معامل تحليل الأراضى و المياه و مصانع الأسمدة الكيماوية و العضوية و مشروعات المياه و مشاريع إنشاء شبكات الرى و المراكز البحثية و كل ما يتعلق بمجال الزراعة ، كما أن له أفضلية للعمل فى وزارة العدل كخبير أراضى و فى كل المجالات المتعلقة بالبيئة مثل مشاريع تدوير المخلفات بجميع أنواعها و محطات معالجة مخلفات الصرف الصحى و الحجر الزراعى و العديد من الأماكن الأخرى.
إننى من خلال إحتكاكى بالشركات العديدة التى تعمل فى مجال الزراعة و من خلال توظيفى لعدد كبير من خريجى كلية الزراعة أكاد أجزم أن أنجح الخريجين فى نجاح المزارع من إدارة ناجحة و إنتاجية عالية هو خريج قسم الأراضى و المياه لأنهم الوحيدون الذين يدرسوا كل مجالات الزراعة . إن المستثمر فى مجال الزراعة يطلب خريج له دراية بكل العلوم الزراعية من بداية الأرض و الماء و النبات حتى نهاية المحصول و بالتالى يجب أن يكون الخريج ملم بكل هذه العلوم و اولها الأرض و الماء و النبات و التسميد حتى جنى المحصول.
فيا اصحاب الشركات الزراعية و ياأيها المستثمرون فى مجال الزراعة إعتمدوا على ابنائنا خريجى كليات الزراعة بكل أقسامهم العلمية و دعوكم من الخبراء الأجانب فزيارة الواحد منهم تكفى لمرتب المهندس الزراعى عام ، فبعد مقابلاتى مع عديد من هؤلاء الخبراء ما هم إلا فلاحون و مزارعون فى بلادهم معلوماتهم متواضعة جداً و أبنائنا الخريجين لديهم معلومات أفضل منهم كثيراً فأعطوهم الفرصة لكى يثبتوا أنفسهم.
نداء اخير إلى أصحاب القرار هل يعقل أن يتم منح خريج دبلوم زراعة مر عليه عدد من السنوات لقب مهندس زراعى و يسمح له بعدها بإستخراج ترخيص لمحلات الاسمدة و المبيدات و يحرم من ذلك خريجى كليات الزراعة و لماذ لم يمنح خريج دبلوم الصنايع لقب مهندس معمارى بعد عدد من السنوات أيضاَ و لماذ لم يمنح خريج التمريض لقب طبيب هل هذا يعقل، ثم اين الخمسة أفدنة التى كان يتم منحها لخريج كليات الزراعة فقط لزراعتها. يا أصحاب القرار أعيدوا لقسم الأراضى و المياه مكانته ثم أعيدوا لخريجى كليات الزراعة هيبتهم.