09-29-2011, 07:48 PM
|
المشاركة رقم: 1
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
عضو مميز |
الرتبة |
|
البيانات |
التسجيل: |
Sep 2011 |
العضوية: |
30 |
المشاركات: |
505 [+] |
بمعدل : |
0.10 يوميا |
اخر زياره : |
[+] |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
منتدى الاسمدة وتحسين التربة والمبيدات الزراعية
الزراعة العضوية واهميتها للانسان والبيئة
تبقى الزراعة إحدى أهم المهن التي مارسها الإنسان إن لم تكن أهمها على الإطلاق , وفي معظم أقطار العالم تشغل الزراعة أكثر من ثلث المساحة ، كما يشتغل في قطاع الزراعة ، وفي القطاعات المرتبطة به والمكملة له الملايين من البشر في مختلف انحاء العالم ، وتشكل الزراعة مصدرا ً مهما ً (وربما المصدر الرئيسي) للدخل
المفهوم الأساسي للزراعة العضوية (Organic agriculture )هو إنتاج الغذاء بطريقة لا تلحق الضرر بالبيئة وذلك بتجنب الكيماويات الزراعية كالأسمدة والمبيدات والهرمونات والعقاقير البيطرية والمواد الحافظة وغير ذلك من المواد المصنعة ، كما تتحاشى الزراعة العضوية بعض التطبيقات الحديثة للهندسة الوراثية كالمنتجات المعدلة وراثيا.
وقد شهدت السنوات الأخيرة توسعا ً كبيرا ً في الزراعة العضوية ، حيث تضاعفت المساحة المزروعة بالطريقة العضوية ثلاث مرات في الفترة مابين 1995 و 000 2 في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية نتيجة زيادة الطلب على المنتجات العضوية والذي تجاوزت قيمته الـ 23 مليار دولار. هذه الزيادة في الطلب على المنتجات العضوية يغذيها - في أوروبا خصوصا ً - قلق المستهلكين من الكيماويات الزراعية والأغذية المعدلة وراثيا ً ومرض جنون البقر. وتذهب بعض التوقعات إلى أن الزراعة العضوية في أوروبا ستشكل ربع مجمل الزراعة بحلول عام 2030 . ويعتقد أنصار الزراعة العضوية أن منافعها الاجتماعية والبيئية والاقتصادية باتت أمرا لا جدال فيه. وفي دراسة أجريت في بريطانيا لمقارنة الزراعة العضوية بالزراعة التقليدية توصل الباحثون إلى نتائج مفادها أن تلوث الماء والهواء كان أقل في الزراعة العضوية مقارنة بالزراعة التقليدية ، كما تحسن التنوع الحيوي بشقيه الحيواني والنباتي عند انتهاج نظام الزراعة العضوية ، فقد وجد على سبيل المثال أعدادا أكبر من الفراشات في الحقول والمزارع العضوية مقارنة بمثيلاتها التقليدية ، وعزي ذلك لأسباب أهمها عدم استخدام المبيدات الكيميائية في الزراعة العضوية وزيادة التنوع في الغطاء النباتي ، كما كان الحال كذلك مع بعض اللافقاريات كالعناكب وهي حشرات مفيدة في الغالب حيث تتغذى على بعض الآفات الزراعية. الثدييات الصغيرة بدورها انتعشت كنتيجة طبيعية لتوفر الغذاء وفق سلسلة الغذاء الطبيعية . وفي دراسة نشرت في مجلة Biological Conservation العدد 122 ، وفي الصفحة الثالثة عشرة بعد المائة ، واحتوت على ملخص لتجارب أجريت في كل من أوروبا ونيوزيلندا وكندا والولايات المتحدة ، تم التأكيد على الأهمية الشديدة والدور الإيجابي للزراعة العضوية على التنوع الحيوي ، وأوردت الدراسة على سبيل المثال أن نوعين من الخفاش وجدا بأعداد أكبر في الحقول المزروعة عضويا ً مقارنة بتلك المزروعة بطريقة تقليدية ، مما يعد مؤشرا على أن كائنات حية أخرى تتواجد بأعداد أكبر في الحقول العضوية. كما نشر أحد المعاهد المختصة في الولايات المتحدة ويدعى معهد روديل نتائج لأبحاث استمرت ثلاثا ً وعشرين سنة جاء فيها أن الزراعة العضوية قد تقلل من ارتفاع درجة حرارة الأرض (ظاهرة الاحتباس الحراري) بنسبة كبيرة ، وذلك لأن الزراعة العضوية تسهم في تقليل انبعاث غاز ثاني أ**يد الكربون من الحقول الزراعية بنسبة تتراوح مابين 15- 28 ٪* مقارنة بالزراعة التقليدية . ويرى بعض المتحمسين للزراعة العضوية أن المنتجات العضوية صحية و مأمونة أكثر من نظيراتها المنتجة بالزراعة التقليدية ، فعلى سبيل المثال ذكر أن المحاصيل الزراعية العضوية تحتوي على مركباتً مضادة للسرطان بمعدل يزيد 50 ٪* عن المحاصيل التقليدية .
وهناك جملة من الممارسات والأساليب الزراعية المصاحبة عادة للزراعة العضوية مثل إتباع الدورات الزراعية وتأخير مواعيد الزراعة وزراعة المحاصيل المرافقة ومحاصيل التغطية واستخدام الأسمدة العضوية إلى غير ذلك من الوسائل ، كلها تفيد في زيادة التنوع الحيوي في التربة من حيث الكثافة والتنوع ، ويشمل ذلك بعض اللافقاريات وديدان الأرض وكذلك الأحياء الدقيقة في التربة ، كما يعتقد أن تلك الممارسات والأساليب الزراعية تفيد بطريقة غير مباشرة في تحسين الخواص الكيميائية والفيزيائية للتربة وتقلل من أخطار انجراف التربة والفيضانات . وفي المناطق المجاورة للحقول والبساتين الخاضعة لنظام الزراعة العضوية ، فإن من المألوف وجود تنوع نباتي واسع ربما يعزى إلى بعض الممارسات المرتبطة بالزراعة العضوية ، وكذلك إلى الامتناع عن استخدام مبيدات الحشائش والأعشاب ، وهو أحد المبادئ الأساسية للزراعة العضوية . هذا التنوع النباتي الطبيعي وفر مأوى ً وغذاء ً لطيف ٍ واسع ٍ من الكائنات الحية كالحشرات والطيور، كما سمح لبعض الأنواع النباتية البرية التي كادت أن تختفي بأن تنمو وتزدهر وتعود من جديد ، الأمر الذي شكل بمجمله نظاما ًبيئيا ً طبيعيا ً متنوعا ً وجميلا . هذا التنوع البيئي الفطري الغني والمدهش كان بمثابة عودة للطبيعية وتعديلا ً للخلل الذي أصاب البيئة نتيجة عقود من الممارسات الزراعية الخاطئة التي أدت إلى إلحاق الضرر بالبيئة والكائنات الحية بدءً بالإنسان وانتهاءً بأصغر الكائنات الحية الدقيقة في التربة .
الإنتاج الزراعي والبيئة:
حسب منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) فإن النشاطات الزراعية تعد مسؤولة عن ثلث ما تتعرض له الكرة الأرضية من حرارة وتغير في المناخ, حيث أن 25٪* من الغازات المنبعثة والمتسببة بظاهرة الاحتباس الحراري تأتي من المصادر الزراعية وبخاصة عند إزالة الغابات من أجل التوسع في إنتاج المحاصيل الزراعية , حيث تم تحويل ما يقارب نصف غابات النباتات عريضة الأوراق في المناطق المعتدلة والاستوائية وتحت الاستوائية , وثلث مساحة الأعشاب والشجيرات في المناطق المعتدلة - التي تعد موطناً مهماً للأحياء الفطرية - إلى أراضٍ زراعية منتجة , كذلك تم تجفيف نصف مساحة المناطق الرطبة في العالم وهي بيئات بالغة الأهمية للأحياء الفطرية وحولت إلى مناطق زراعية. كما أن الغازات المنبعثة من حقول الأرز المغمورة بالمياه ، وإحراق المخلفات الزراعية سواءً النباتية أو الحيوانية ، وكذلك قطعان الماشية والحيوانات الزراعية المختلفة كل ذلك يزيد المشكلة تعقيدا. وفي مشاريع الإنتاج الحيواني (سواء كانت طيوراً أو حيوانات كبيرة) جرت العادة باستخدام منتجات كيماوية مختلفة كالمضادات الحيوية والهرمونات وغيرها لعلاج الحيوانات وتحصينها ضد بعض الأمراض , أو لتحسين نموها وزيادة وزنها ، ولا تخلو هذه المنتجات من تأثيرات ضارة على الإنسان و البيئة, حيث أن بقايا هذه المضادات في مخلفات الحيوانات تلحق الضرر بالكائنات الحية الدقيقة في التربة, مما ينع** بدوره على الأحياء الفطرية الأخرى التي تعتمد في غذائها على تلك الكائنات الدقيقة . ويعزى تلوث المياه أساسا إلى النشاط الزراعي المكثف واستخدام الأسمدة والمبيدات وكذلك المخلفات الحيوانية.
وتشكل بعض الأساليب و النظم الزراعية المتبعة خطراً لا يستهان به على البيئة والتنوع الحيوي ؛ فقد شهدت ستينات القرن الماضي بزوغ ما اصطلح على تسميته بالزراعة المركزة أو المكثفة (Intensive agriculture) التي تهدف للحصول على أعلى كمية من الإنتاج عن طريق استخدام نوع واحد أو أنواع محدودة من الحاصلات الزراعية وزراعتها على مساحات شاسعة مع استخدام واسع ومبالغ فيه للكيماويات الزراعية, وتجاهل كبير للبيئة و سلامة مكوناتها, مما حقق إنتاجا مرتفعا ً من المحاصيل الزراعية إلا أنه تسبب في تدهور حاد للبيئة بعناصرها المختلفة. وتقدر المساحة المزروعة بنظام الزراعة المركزة بما يزيد عن ثلث المساحة الزراعية في العالم .
سلبيات الزراعة العضوية:
كغيرها من الفلسفات والممارسات البشرية لا تخلو الزراعة العضوية من قصور وسلبيات ، وكما أن هناك الكثير من المتحمسين والمروجين للزراعة العضوية ، فثمة من هم أقل حماسا واقتناعا بها ، بل إن هناك من يرى أن إحلال الزراعة العضوية محل التقليدية سيجلب المشاكل بدلاً من الحلول . إن اهم السلبيات المصاحبة للزراعة العضوية انخفاض الإنتاج ، وبشكل عام يبلغ متوسط انخفاض الانتاج بسبب الزراعة العضوية 10- 30 ٪* مقارنة بالزراعة التقليدية . ويعزو البعض هذا الانخفاض في الانتاج الزراعي الى عوامل متعدده اهمها كثرة الآفات الحشرية و الحشائش الضارة وانخفاض خصوبة التربة في الزراعة العضوية وذلك بسبب عدم استخدام الاسمده والمبيدات الكيميائية. هذا الانخفاض في الانتاج ادى بدوره الى بروز مشاكل اخرى كارتفاع اسعار المنتجات العضوية ، فعلى سبيل المثال تتراوح الزياده في اسعار محاصيل الحبوب والخضر المنتجه عضوياً عند مقارنتها بمثيلاتها المنتجة تقليديا بين 75- 300 ٪* ، وهي زيادة غير مستغربة وذلك لتعويض الخسائر الناجمة عن انخفاض الإنتاج . كما أن انخفاض الانتاج بسبب انتهاج الزراعة العضوية يستدعي التوسع المستمر في الرقعة الزراعية على حساب أراضي الغابات والمحميات الطبيعية ، وهذا مما يحتج به مناوئوا الزراعة العضوية من أنها تلحق الضرر بالبيئة بدلا من حمايتها ، كما يأخذ المعارضون للزراعة العضوية على المنظمات الدولية المعنية أنها تضع شروطا ومواصفات مشددة للغاية للإنظمام الى عضويتها ، مما يقلل من الخيارات العملية المتاحة أمام المزارعين المنضوين تحت هذه المنظمات ويخفض الإنتاج الزراعي .
ورغم وجاهة بعض الانتقادات الموجهة للزراعة العضوية ، إلا أن بعض الشركات العالمية العملاقة العاملة في مجالات التقنية الحيوية وصناعة الأسمدة والمبيدات الكيميائية تبدو في طليعة المنتقدين للزراعة العضوية ، وهي تدعم الكثير من الكتاب والباحثين المناوئين للزراعة العضوية ، وهذا من شأنه أن يضع الكثير من علامات الاستفهام حول مصداقية تلك الانتقادات ويشكك في دوافعها . وبالرغم من أوجه النقص التي تم التطرق إلى بعض منها ، تظل الزراعة العضوية تجربة رائدة تستحق الاهتمام والتطوير بغية تحقيق المعادلة الصعبة المتمثلة في توفير الغذاء بطريقة تضمن سلامة الإنسان والبيئة .
|
|
|