كيف ينتقل الماء إلى النباتات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


كيف ينتقل الماء إلى النباتات
كيف ينتقل الماء إلى النباتات






تساهم بنية النبات في كل من الجذور والسيقان والأوراق في تعزيز نقل كل من الماء والمغذيات إلى جميع أنحاء النبات، ويرجع ذلك لوجود الأنسجة النباتية الرئيسية المسؤولة عن عملية انتقال الماء من الجذور إلى أجزاء النبات وتعرف هذه الأنسجة بنسيج الخشب ونسيج اللحاء المسؤولين عن حركة انتقال الماء والغذاء في النبات.
وذلك يحدث من خلال امتصاص الجذور النبات للماء من التربة، وانتقاله إلى السيقان ومن ثم إلى الأوراق، فالماء يحمل المغذيات ذهابًا وإيابًا بين كل من الجذور والأوراق من خلال نسيج الخشب الذي يتكون من أنابيب رفيعة وطويلة تمتد من السيقان إلى الأوراق، لذلك تكمن وظيفة الخشب في حمل الماء من الجذور إلى جميع أجزاء النبات بعدة الطرق.
طرق نقل الماء عبر الخشب إلى قمم الأشجار

تتمكن النباتات من نقل المياه من الجذور لقمة شجرة قد يصل ارتفاعها إلى 116 مترًا عبر نسيج الخشب، وذلك عن طريق توليد قوة كافية تساعد على نقل المياه من الجذور إلى كل جزء في النبات ومن هذه الطرق ما يلي:
الخاصية الشعرية

تعد الخاصية الشعرية (بالإنجليزية: Capillary Action)من القوى التي تستخدمها النباتات بغرض سحب الماء من الجذور إلى قمم النبات، وتعرف الخاصية الشعرية بأنها حركة السائل على طول سطح المادة صلبة التي تعمل على جذب الماء من الجذور إلى السيقان ومن ثم إلى باقي أجزاء النبات وذلك من خلال جذب جزيئات الماء لجزيئات الجزء الداخلي من النبات كالجذع الذي يعرف على أنّه المادة الصلبة.
تعمل عملية الجذب هذه على دفع الماء إلى أعلى وتوزيعه على جميع أجزاء النبات، إضافةً لذلك قد تتشارك بعض القوى لدعم الخاصية الشعرية بما في ذلك:

• الالتصاق الذي يساعد على التصاق الماء بالأنسجة العضوية للنبات.
• التماسك الذي يحافظ على التصاق جزيئات نفس المادة معًا.
• التوتر السطحي وهو المسؤول عن تكوين قطرات الماء كما ويساهم في تعزيز تماسك الجزيئات معًا عند امتصاص النبات للماء.

تعبر الخاصية الشعرية عن حركة الماء في النبات والتي عادةً ما تحدث عندما تكون قوة الالتصاق أقوى من قوة التماسك، وذلك لتعزيز جذب جزيئات الماء لبعضها بشكلِ طبيعي، وينجم هذا التجاذب عن طريق الروابط الهيدروجينية التي تشكلها، وفيما بعد يتحرك الماء من خلال الشعيرات إلى أجزاء النبات.
الخاصية الأسموزية

تعرف الخاصية الاسموزية (بالإنجليزية: Osmosis) بالتناضح الذي يعرف بأنه قدرة النبات على امتصاص الماء من التربة، وهي عملية يحدث من خلالها انتقال الماء من المنطقة الأعلى تركيز إلى المنطقة الأقل تركيز، وتحدث هذه العملية حتى تصبح التراكيز على جانبي الغشاء النباتي متساوية، إضافةً لذلك تعد الخاصية الأسموزية نوع من أنواع الانتشار الذي يحدث بشكلِ طبيعيّ وعفويّ، دون الحاجة لأي طاقة من الخلية.
الضغط الجذري

يعد الضغط الجذري (بالإنجليزية: Root pressure) من القوى التي تساعد على تعزيز دفع الماء إلى الأعلى من خلال نسيج الخشب في النبات، وعادة ما ينتج الضغط الجذري بسبب الضغط الاسموزي الذي يحدث في خلايا الجذور، فالضغط الجذري مسؤول عن ارتفاع المياه في النباتات الوعائية، كما وقد تتشارك بعض القوى لمساندة الضغط الجذري لتعزيز امتصاص الماء وذلك لأن الضغط الجذري لوحده غير كاف، ومن هذه القوى:

• قوى التماسك.
• قوى الالتصاق.
• قوة الرفع الناجمة عن نتح وتبخر الماء من الأوراق.

القوة السالبة الناتجة من النتح

تتطلب النباتات كبقية الكائنات الحية نظامًا لتصريف المياه الزائدة في الجسم، وتعرف هذه العملية بالنتح وتعد بشكل عام عملية يتبخر من خلالها الماء الزائد من سطح الأوراق من خلال مسامات صغيرة تعرف بالثغور.
وخلال هذه العملية يتم سحب الماء من خلايا نسيج الخشب لتعويض ما تم فقده؛ لذلك عادةً ما يتم سحب وامتصاص عمود من الماء بشكلِ مستمر إلى أعلى الجذع في نسيج الخشب من خلال التبخر من الأوراق، بالإضافة لذلك يعد تماسك جزيئات الماء أمر ضروري وحيوي لحدوث عملية النتح، فإذا انقطع عمود الماء بسبب الجفاف، فإن النبات سيذبل وقد يموت.
التناضح في الجذور

ينتقل الماء في الخلايا الجذرية في النباتات من خلال عملية التناضح، عن طريق أوعية الخشب إلى أجزاء النبات الأخرى، وذلك للحفاظ على الحركة المستمرة للماء وللحفاظ على تدرج التركيز أيضًا، كما ويرافق عملية التناضح بالجذور قوة التماسك التي تتم من خلال جذب جزيئات الماء داخل نسيج الخشب بسبب الروابط الهيدروجينية.
إضافةً لذلك يعد الشعر الجذري هو أكثر مكان يحدث فيه أغلب امتصاص الماء، وذلك لأن هذه الشعيرات رقيقة وطويلة قد تزيد من مساحة السطح لامتصاص الماء والمغذيات، لقدرتها على اختراق جزيئات التربة، وبالتالي زيادة امتصاص الماء من خلال عملية التناضح.
انتقال الماء عبر النسيج الوعائي الخشبي

يوجد نسيج الخشب في جميع النباتات الوعائية، ويعد من الأنسجة النباتية الهامة لنقل وتخزين كل من الماء والمعادن والمغذيات الذائبة من الجذور إلى بقية أجزاء النبات، وهذا يرجع لتركيب نسيج الخشب الدقيق الذي يتكون من مجموعة من الخلايا المتخصصة المتنوعة والموصلة للماء تعرف باسم القصيبات، بالإضافة لذلك يتميز نسيج الخشب بخلايا ليفية رقيقة الجدران للدعم والحماية، ولتخزين المواد الغذائية المختلفة.
انتقال الماء عبر النسيج الوعائي اللحائي

تكمن وظيفة اللحاء في نقل الغذاء كالسكريات والمغذيات التي تصنع في النبات إلى الأسفل من الأوراق إلى الجذور من خلال الجذع، وذلك لاحتواء أوعية اللحاء على السيتوبلازم، الذي يساعد على انتقال السكروز والأحماض الأمينية من خلال الثقوب من خلية لأخرى.
بالإضافة لذلك ينتقل الماء إلى اللحاء من خلال عملية التناضح، وذلك نتيجة لنقل السكروز من الخلايا المصدرة إلى الخلايا المستقبلة سواء للتخزين أو للاستهلاك، وهذا قد يتسبب في رفع الضغط الاسموزي ودخول الماء إلى اللحاء من نسيج الخشب، بسبب الضغط الناجم عن خليط الماء والسكروز إلى الأسفل باتجاه الجذور، وبالتالي يتم تفريغ السكروز ويقل الضغط الأسموزي ويخرج الماء من الأنابيب حسب الخاصية الاسموزية ويعود إلى الخشب.
ينتقل الماء إلى قمة الشجرة بالاعتماد على العديد من الخاصيات والطرق منها الخاصية الشعرية التي يتم من خلالها جذب الماء للأعلى من الجذور إلى السيقان ثمّ إلى باقي الأجزاء.
مستويات نقل الماء في النباتات

قد تتغير طريقة نقل الماء بتغير الممر الذي تسلكه المياه، لذا قد تحدث عملية نقل الماء في النباتات على ثلاثة مستويات منها الخلوي أو القصير أو الجانبي، وهذا ما سيتم التطرق له بالتفصيل:
النقل الخلوي

يتم من خلال عملية النقل الخلوي نقل كل من المواد المذابة والأيونات من التربة إلى أجزاء النبات من خلال آليات النقل عبر أغشية الخلايا كالانتشار البسيط أو الضغط الاسموزي الذي يعرف بالتناضح.
النقل لمسافة بعيدة

نقل الماء لمسافات طويلة يحدث داخل الأنسجة الوعائية للنبات من نسيج الخشب واللحاء إلى أجزاء النبات بأكمله بعد امتصاص الماء والمغذيات من قبل الجذور من التربة، وكلما زادت مساحة السطح كلما زاد الامتصاص، وذلك بسبب وجود العديد من الامتدادات الجذرية والشعيرات.
النقل لمسافة قصيرة (النقل الجانبي)

يعرف النقل لمسافة قصيرة المدى في النباتات بالنقل الجانبي ويقصد به حركة الماء والمواد الغذائية المذابة من مكان لآخر داخل أنسجة النبات، ويعرف بالنقل الجانبي لأن عادةً ما يكون اتجاه نقل الماء المعتاد عموديًا لأعضاء النبات، وعادةً ما يكون النقل لمسافات قصيرة في النبات على مستوى الأنسجة أو الأعضاء فقط.
هل يوجد للنبات قوة تدفع الماء عكس اتجاه الجاذبية؟

هل من الممكن أن ينتقل الماء من الجذور إلى الأوراق وقمم النبات دون أن تتأثر هذه العملية بالجاذبية الأرضية؟ تعد جزيئات الماء جزيئات قطبية ويقصد بذلك أن إحدى طرفي الماء ذا شحنة سلبية ( ذرة الأكسجين) والطرف الآخر ذا عبارة عن شحنة موجبة (ذرات الهيدروجين).
وهذا يساهم في جذب ذرات الهيدروجين الموجبة إلى ذرة الأكسجين السالبة في جزيء الماء المجاور، حتى تتشكل رابطة هيدروجينية بين ذرات الماء مما يؤدي إلى التصاق جزيئات الماء ببعضها البعض، وهذا ما يفسر انتقال الماء من الجذور إلى أعلى الساق من خلال نسيج الخشب بسبب الروابط الهيدروجينية التي تعزز من تماسك جزيئات الماء وانتقالها لأعلى في حركة مستمرة.
ما مدى سرعة تحرك الماء عبر النباتات؟

تختلف سرعة تحرك وامتصاص الماء من ساعة لأخرى خاصة في ساعات الليل والنهار، وذلك لأن امتصاص النباتات للماء يكون أسرع خلال النهار خاصة في الصباح الباكر، وذلك لامتصاص الجذور المزيد من الماء بدلاً من هدر هذه المياه نتيجة التبخر المفرط، والذي يمكن أن يهدر كميات كبيرة من الماء، بالإضافة لذلك قد تكون معدلات النمو وعمليات الأيض مثالية وهذا قد يزيد من سرعة تحرك وامتصاص الماء عبر النباتات.
إضافةً لذلك، تعتمد مدى سرعة تحرك الماء في النباتات على معدلات النتح والتي تعتمد بدورها على عامليْن، هما: مقاومة حركة الماء في النبات، وعلى القوة الدافعة لعملية النتح التي تنجم عن الاختلاف في معدلات الماء بين التربة والبيئة المحيطة بالنبات، وهذا الاختلاف يحدث تدريجيًا وقد يُجبر الماء على التحرك إلى المناطق التي تحتوي على ماء أقل، وهذا بحد ذاته يؤثر على سرعة تحرك الماء في النباتات.
العوامل المؤثرة في معدلات انتقال الماء في النبات

يختلف معدل امتصاص وانتقال الماء من التربة إلى بقية أجزاء النبات على العديد من المؤثرات والعوامل التي قد ترتبط هذه العوامل بالنبات نفسه أو بالعوامل البيئية بما في ذلك:

• الرطوبة.
• الرياح.
• شدة الضوء.
• درجة الحرارة.

الخلاصة

تمتص جذور النباتات الماء والأملاح المعدنية من التربة إلى الجذور، ومن ثم الساق ومن ثم إلى أجزاء النبات الأخرى بعدة طرق سواء من خلال عملية النتح أو الضغط الجذري أو الضغط الاسموزي وغيرها، كما يكون نقل الماء بعدة مستويات منها النقل الخلوي كالانتشار البسيط مثلًأ أو النقل لمسافات قصيرة أو طويلة، كما وقد يعتمد امتصاص الماء في النبات على العديد من العوامل البيئية والعوامل المرتبطة بالنبات نفسه.