[
يعد الأرز من الأغذية الأساسية لأكثر الأسر المصرية، ولعل تلك العادة الغذائية قد نتجت عن تميز مصر بجودة إنتاجها من الأرز، فتطبَّع المصري بحب الأرز، وتفنن في تعديد طرائق طهيه وإدخاله في كثير من الأطعمة الشهيرة كالمحشي والكشري ...إلخ.
ولا ريب أن الأرز يحمل الجانب الأكبر من المسؤولية عن زيادة وزن المصريين وترهل الدهون في أجسامهم، وما يتبع ذلك من متاعب صحية كثيرة، ومع انخفاض القيمة الغذائية للأرز نسبيًا مقارنة بباقي الأطعمة، فلا يوجد مبرر لاستمرار إقبال المصريين على التهام الأرز سوى سلطان العادة، ونقص الوعي.
وما يهمنا في هذا الموضوع أن مشكلة الأرز في مصر أخذت في العامين الأخيرين عدة أبعاد أساسية وهي :
1/ استهلاك الأرز للمياه يشكل عبئا على الموارد المائية المحدودة للدولة، وينذر بتهديد الأمن القومي على حد تعبير أحد المسؤولين، كما أن محدودية الموارد المائية تجعل من الصعوبة بمكان التخطيط لاستصلاح أراضٍ جديدة في الخطط القادمة.
2/ اعتماد المصريين على الأرز كغذاء يومي رئيسي، وارتفاع أسعاره عالميا، يشكل تهديدا جديدا لأمن الدولة إذا عجزت عن تلبية احتياج المصريين اليومي من الأرز بسعر يتناسب مع متوسط دخل الفرد في مصر، وليس ببعيد عنا الاضطرابات التي حدثت عام 2008 بسبب أزمة الخبز، وهو ما يجعل الحكومة تتعامل مع الأرز والخبز بحساسية بالغة باعتبارها المكون الرئيس لغذاء المصريين.
3/ عجز الدولة عن ضبط وتحديد المساحة المزروعة بالأرز، وعدم استجابة الفلاحين لتوصيات الدولة بالحد من المساحة المزروعة.
4/ الأرز هو المحصول الصيفي الوحيد الذي يعود بعائد مجزي للفلاح، وبدون زراعته سيهجر الفلاح الزراعة وسيبحث عن مهن أخرى توفر له عيشا كريما.
وقد لجأت الحكومة إلى سياسة تقييد التصدير لخفض أسعار الأرز في مصر لمواجهة البعدين الأول و الثاني ، إذ أن خفض سعر الأرز سينفِّر الفلاح المصري من زراعته فتقل المساحة المزروعة بالأرز مما يحفظ الموارد المائية للدولة ، كما سيوفر الأرز رخيصًا للمصريين.
ويؤخذ على هذه السياسة تجاهل البعد الثالث و الرابع، فضلا عن عدم قدرتها على التحكم في السعر المحلي للأرز إذ انخفض كثيرا في بعض الشهور ووصل إلى 700 جنيه للطن الشعير مما دفع إلى استخدامه كعلف رخيص للمواشي بعد دشه وخلطه بالذرة المجروشة.
وأنا لا أرى حلا لهذه الإشكالية سوى تشجيع الفلاح على زراعة الذرة عن طريق تخصيص جزء من ميزانية الدولة لشراء الذرة بسعر يعود بالربحية على الفلاح تفوق ربحية الأرز، وخلط دقيق الذرة مع دقيق القمح في الخبز المدعوم.
والموضوع مفتوح للمناقشة لمن لدية حول أخرى